تحصل مواقع الإنترنت الحديثة على تمويلها من الإعلانات. وتدفع تلك الإعلانات مقابل كل هذه الخدمات ”المجانية“ التي تحبها، وكذلك الكثير من المنتجات التي تستخدمها بشكل يومي – بما في ذلك متصفح فايرفوكس. ولا يوجد شيء خاطئ بشكل متأصل في الإعلانات: ينص مبدأ موزيلا رقم ٩ على أن ”الانخراط التجاري في تطوير الإنترنت يجلب الكثير من المنافع.“ ولكن ذلك المبدأ يواصل قوله بأن ”الموازنة بين الربح التجاري والمنفعة العامة أمر مهم“ وهنا سارت الأمور في الاتجاه الخاطئ: تعمل الإعلانات على الإنترنت في الكثير من الأوقات بالتتبع المكثف لكل شيء متعلق بنشاط الناس على الإنترنت بطريقة مؤذية جدًا للمستخدمين وللمواقع ككل.

 

خلفية سريعة

النظام البيئي لتقنية الإعلانات معقد بشكل لا يصدق، ولكن في صميمه، نجد أن الطريقة التي تعمل بها إعلانات المواقع الإلكترونية بسيطة نوعًا ما. عندما تتصفح مواقع الإنترنت، يقوم المتتبعون (في معظم الأحيان يكونون معلنين ولكن ذلك لا يقتصر عليهم) بمتابعتك ويقومون ببناء ملف شخصي لتاريخك في التصفح. وبعد ذلك عندما تذهب إلى موقع يريد أن يظهر لك إعلانًا، يُستَخدم تاريخ التصفح المذكور لتحديد أي من الإعلانات المحتملة مناسبة كي تظهر لك.

إن الجزء الظاهر من تتبع مواقع الإنترنت مخيف بما يكفي — لماذا تقوم هذه الملابس التي نظرت إليها الأسبوع الماضي بملاحقتي في كل مكان على الإنترنت؟ — لكن ما خفي أعظم: تتابعك مئات الشركات التي لم تسمع بها قط في كل مكان بينما تتصفح الإنترنت ومن ثم تستخدم بياناتك لغاياتها الخاصة أو لبيعها إلى شركات أخرى لم تسمع بها أيضًا.

الآلية التقنية الأساسية المستخدمة من قبل المتتبعين تُسمى ”ملفات ارتباط الطرف الثالث.“ ويمكن إيجاد وصف جيد لملفات ارتباط الطرف الثالث هنا، علمًا أن ملف الارتباط هو عبارة عن شيء صغير من البيانات التي يحتفظ بها الموقع الإلكتروني على متصفحك ويمكن أن يستعيدها لاحقًا. وملف ارتباط الطرف الثالث عبارة عن ملف يعده طرف غير الصفحة التي تقوم بزيارتها (عادة ما يكون متتبع). ويعمل المتتبع مع الموقع الإلكتروني لتضمين بعض الشيفرات من المتتبع على صفحته (غالبًا ما تكون هذه الشيفرة مسؤولة أيضًا عن إظهار الإعلانات) وتعد تلك الشيفرة ملف ارتباط للمتتبع. وكل مرة تذهب فيها إلى صفحة على الإنترنت يكون المتتبع مضمنًا فيها، ويرى نفس ملف الارتباط ويمكن أن يستخدمه لربط جميع المواقع التي تزورها.

تشكل ملفات الارتباط نفسها جزءًا مهمًا من الإنترنت – فهي ما تسمح لك بتسجيل الدخول إلى المواقع وتحافظ على سلة التسوق التي تملأها... إلخ. ولكن ملفات ارتباط الطرف الثالث تستخدم بطريقة لم يكن مصممو المواقع الإلكترونية يقصدونها حقاً، ولسوء الحظ، فهي الآن في كل مكان. وبينما توجد لهذه الملفات بعض الاستخدامات الشرعية، مثل تسجيل الدخول الموحد، لكنها في الغالب تستخدم لتتبع سلوك المستخدم.

من الواضح أن هذا لأمر سيء وينبغي ألا يتفاجئ أي شخص يتابع عملنا في فايرفوكس حيث نعتقد أن هذا بحاجة إلى تغيير. نعمل منذ سنوات على دفع الصناعة باتجاه أفضل. وقمنا عام ٢٠١٥ بإطلاق الحماية من التتبع، وهي أول خطوة كبيرة لنا باتجاه حظر التتبع في المتصفح. وفي عام ٢٠١٩ شغلنا نسخة أجدد من تقنية مكافحة التتبع الخاصة بنا افتراضيًا لجميع مستخدمينا. ونحن لسنا الوحيدين الذين يفعلون هذا.

نؤمن بأن جميع المتصفحات ينبغي عليها أن تحمي مستخدميها من التتبع، وبشكل خاص من التتبع القائم على ملفات الارتباط، وينبغي أن تتحرك على الفور للقيام بهذا.

 

الإعلانات المحافظة على الخصوصية

رغم أن ملفات ارتباط الطرف الثالث الآن بمثابة الأنباء السيئة، لكنها جزءٌ لا يتجزأ من مواقع الإنترنت، وليس من السهل التخلص منها. ولأنها عبارة عن تقنية مزدوجة الاستخدام مع بعض التطبيقات المشروعة، يمكن لتعطيلها (أو القيام بشيء أكثر تعقيدًا مثل حماية فايرفوكس الكلية من ملفات الارتباط) أن يتسبب بعطل في بعض مواقع الإنترنت لدى المستخدمين. علاوة على ذلك، يتوجب علينا أن نتولى الحراسة الدائمة من تقنيات التتبع الجديدة.

من الأفكار التي حظيت باهتمامٍ كبير مؤخرًا هي ما يسمى ”الإعلانات المحافِظة على الخصوصية.“ للفكرة الأساسية تاريخ طويل مع أنظمة مثل Adnostic وPrivAd وAdScale لكنها عادت مؤخرًا بعروض من غوغل ومايكروسوفت وأبل وكريتيو وغيرها. وتعتبر التفاصيل معقدة نوعًا ما لكن الفكرة العامة مباشرة: حدد التطبيقات المشروعة (أي غير المؤذية) لتقنيات التتبع وابنِ آليات تقنية بديلة لتلك التطبيقات دون تهديد خصوصية المستخدم. وحالما نفعل ذلك، سيصبح الحد من استخدام ملفات ارتباط الارف الثالث أكثر عمليًا.

يعتبر هذا نموذجًا جيدًا بصفة عامة: تقدمت التكنولوجيا كثيرًا منذ اختراع ملفات الارتباط في التسعينيات، وأصبح من الممكن الآن القيام بالكثير من الأمور بخصوصية بعد أن كانت تتطلب جمع بيانات المستخدم. ولكن بالطبع، من الممكن أيضًا استخدام التكنولوجيا للقيام بأمور ليست جيدة (وهو ما أوقعنا في هذه الحفرة في المقام الأول). عند النظر إلى مجموعة من التقنيات مثل الإعلانات المحافظة على الخصوصية، علينا أن نسأل:

  1. هل الاستخدامات التكنولوجية فعلًا جيدة للمستخدمين ولمواقع الإنترنت؟
  2. هل تحسّن تلك التقنيات خصوصية المستخدم وأمنه؟ وهل تجمع القدر الأدنى من البيانات التي تلزم لإنجاز المهمة؟
  3. هل تطوّر هذه التقنيات في عملية ذات معايير مفتوحة ومع مدخلات من جميع المعنيين؟

لأن هذه ليست تكنولوجيا واحدة فقط وإنما مجموعة منها، ينبغي أن نتوقع من بعضها أن تكون أفضل من الأخرى. ويعتبر قياس الإعلانات بشكل خاص حالة استخدام مهمة للنظام البيئي، ونعتقد أن عمل هذا المكون بشكل صحيح يرفع القيمة بالنسبة للمستهلكين ويتفاعل مع المعنيين بالإعلانات. ويوجد هنا تداخل مع تقنيات مثل بريو التي نستخدمها أصلًا في فايرفوكس. من جهة أخرى، نحن أقل تيقنًا حيال عدد التقنيات المقترحة لاستهداف المستخدم، الأمر الذي له مزايا خصوصية تبدو صعبة التحليل. هذا مجال جديد بالكامل في التكنولوجيا، لذلك ينبغي علينا أن نتوقع صعوبة في بادئ الأمر ولكن ذلك أيضًا سبب للتأكد من برمجته ليعمل بشكل صحيح.

 

تمت إعادة نشر هذا المقال من مدونة موزيلا https://blog.mozilla.org/en وفقًا لرخصة المشاع الإبداعي - Creative Commons، للإطلاع على المقال الأصلي